الشرق الأوسط

الشرق الأوسط .. رمال متحركة لا تثبت فيه أقدام طامع

  • الشرق الأوسط .. رمال متحركة لا تثبت فيه أقدام طامع

اخرى قبل 5 سنة

الشرق الأوسط .. رمال متحركة لا تثبت فيه أقدام طامع

عبدا لحميد الهمشري

حقيقة ما يجري في الشرق الأوسط صراع تحكمه القوة والمصالح وليس الحقوق أو العدالة ، فنحن في عالم دستوره القوة ولا مكان للضعيف فيه الذي مآله طي النسيان والاندثار ، فما سادت أمة فيه إلا إن كان دورها فاعلاً ولا يكون كذلك دون امتلاك القوة ... عندها تكون قادرة على تنفيذ أجنداتها وتثبيت وجودها المؤثر وفرض إرادتها على الآخر  .. هذه معادلة أدخلتها في قاموس العلاقات الدولية الحديث دول أوروبا الاستعمارية وورثتها من بعدها الولايات المتحدة الأمريكية وعملت بموجبها خاصة منذ عهد رؤسائها من جورج الأب والابن اللذين شرعنا حروبهما ضد العراق وأفغانستان وحتى دونالد ترامب الذي أمعن في استفزاز أهل المنطقة لصالح اليهود في دولتهم القاعدة المتقدمة للنفوذ اليورو - الأمريكي في المنطقة فملَّكها ما لا حق له فيه على حساب فلسطين وشعب فلسطين وأمة الإسلام قاطبة بـ « تخريفته» التي أطلق عليها ما أسماها بـ «صفقة القرن» التي يعتمد فيها الحل بالسلام الاقتصادي بدل السياسي وفق ما جاء في كتاب نتنياهو « مكان تحت الشمس «  باختياره فريقاً يهودياً من المستوطنين يعمل على تنفيذ الرغبة النتنياهوية في دولة يهودية القلب والقالب والصبغة في كامل الأرض الفلسطينية.. فقام بالاعتراف بالقدس عاصمة ليهود وشرعن الاستيطان وأعطاهم حق التصرف  في الأقصى مسرى رسولنا الكريم ويعمل بكل طاقته على إلغاء الأونروا الشاهد الحي على جريمة العصر الأمريكي «  تشريد 70 % من الشعب الفلسطيني عن دياره لصالح مستقدمين من مختلف أصقاع الأرض « والتي ما أنشئت إلا في سبيل إعادة اللاجئين إلى ديارهم وأملاكهم التي شردوا عنها بفعل المجازر التي ارتكبها شتيرن والهاغاناة وغيرهما من الأحزاب الصهيونية في فلسطين ، بمقابل ما دعا إليه في ورشة البحرين من تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين وتوطينهم، ولو أمعنا النظر فيما جاء في ورشة البحرين لوجدنا أن الخطة الاقتصادية لها ليست لتحسين حياة الفلسطينيين أو معيشتهم أو حل مشاكلهم الاقتصادية، بل لتدمير مستقبلهم الوطني وقدرتهم على البقاء في وطنهم فلسطين، وتمس بمصالح الفلسطينيين والشعب العربي في مختلف أقطاره فهي ليست سوى خدعة كبرى للتغطية على تصفية القضية الفلسطينية برمتها، والمس بالحق الفلسطيني في الحرية والاستقلال.. وهو بهذا يهدف بعد شرعنته الاحتلال وممارساته في أرض فلسطين ودعمه بقوة التطرف الصهيوني في الشرق الأوسط تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية شعباً وأرضاً ومقدسات من على الخارطة السياسية الدولية والإقليمية والتثبيت الوجودي لدولة يهود وهذا ما سعت له بلاده للوصول إليه عام 1967عند دعمها لعدوان الكيان الغاصب على دول الطوق العربية وإلحاق الهزيمة بها واحتلال كامل التراب الفلسطيني.

فنحن في عالم يسير وفق رأي المهيمن الذي يفرض رأيه وما يجري من صراع بين الكبار على اقتسام مناطق النفوذ تنطلق من مبدأ المصالح الذي يتوافق ومبدأ ميكافيللي « الغاية تبرر الوسيلة « دون النظر لما سيترتب على ذلك من ضرر واستغلال للبلدان التي ستصبح مناطق نفوذ لهذا أو ذاك ، جراء خلق ظروف تفقد الإنسان العربي أمام ضخامة وحجم التحديات وضغوط من سياسية واقتصادية وعسكرية تتعرض لها المنطقة منذ سقوط الخلافة العثمانية وتحولها لمنطقة فراغ نفوذي جاءت دول أوروبا وأمريكا لملء هذا الفراغ  بالعمل على شل قدرة الإنسان العربي في إنتاج ذاته فأفقدوه مبررات النمو والتقدم وأبقوه عاجزاً عن استثمار طاقاته ومواهبه فتحول لكائن سلبي يائس مدمر الهوية بلا هدف مستهلك لا تأثير له في صناعة قراره والتاريخ ليبقى وجوده هامشياً والسبب انعدام العدالة وتغييب القانون أضحت القوة فيه هي القانون والقاضي الذي يحكم بقانون القوة وليس بقوة القانون.. وجراء ذلك أبقوا القضية الفلسطينية بعيدة عن  الحل العادل وفرض قانون القوة الوجود الصهيوني على أرض الواقع بفعل القاضي « أمريكا» المنحازة بالمطلق لقانون القوة الصهيوني  ، في تحد واضح وصريح للشرعية الدولية وبعكس ما يقضي به القانون الدولي.

 وقد سارت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون لترتيب البيت الصهيوني وتصديع البيت العربي بالعبث بأمن واستقرار مختلف دول المنطقة كالعراق ومصر وليبيا وسوريا والسودان  فحيدت مصر عن الصراع وأصبح دورها وسيطاً بين الكيان الصهيوني والكيانات الغربية وفلسطين بعد أن كانت الأمينة على أمن واستقرار مختلف دول المنطقة ، ولم تنج مع ذلك من العبث الصهيو أمريكي فعبثوا بأمنها واستقرارها وما يجري فيها بين فينة وأخرى من اعتداءات ارهابية واختلالات أمنية خير دليل على ذلك  ، ولم تنج أي دولة عربية أخرى من العبث الصهيو أمريكي فعبثت بأمنها واستقرارها جميعاً  بدءاً من احتلال وتدمير العراق بالقوة الأنجلوأميركية ، بغير تفويض من مجلس الأمن الدولي ،  وتدمير ليبيا والعبث بأمن واستقرار سوريا ولبنان والسودان والقرن الإفريقي وجزيرة العرب ، ومكنت العدو الصهيوني من التمادي في اعتداءاته وجرائمه المتواصلة ضد الشعب العربي في فلسطين وبلدان عربية أخرى  مع أن ما تقوم به في العرف الدولي تشكل جرائم حرب قذرة لا تقرها مبادئ الإنسانية بل يحرمها القانون الدولي، مثل تلك المآسي تحدث للأسف مع وجود قانون دولي عادل وفي ظل مؤسسات عدالة دولية معطلة عن العمل ، وأجهزة منظمات أممية عاملة على استباب الأمن والسلم الدوليين، لكن أمام تمرد الولايات المتحدة الأمريكية القوة أصبحت فوق القانون والقوى الكبرى هي القوى المتحكمة الآن في حكومات العالم «قضاة الأمر والنهي»  في كل محفل دولي ، فأباحوا لأنفسهم ومن موقع القوة التي أصبحت فوق الحق، بالتلاعب بمبادئ العدالة الدولية والقانون الدولي، وفرض منطقها الظالم بالقوة وبتفسير زائف لنصوص القانون العادل.. فالحرب في عرفهم أصبحت سلاماً و السلام استسلاماً  والاحتلال  تحريراً، و التدمير تعميراً، والمقاوم إرهابياً، و المعتدي مدافعاًعن نفسه، والمعتدى عليه ليس أمامه سوى القبول بشروط المحتلين والخنوع والخضوع لهم.

لكن .. بقاء الحال من المحال ولكل زمان دولة، وما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ، فمنطقتنا مرت بظروف صعبة واحتلالات قاسية لاختلالات وصراعات فيما بين مكوناتها ، ما لبثت وأن أخذ أهلها زمام الأمور بأيديهم ودحروا مختلف الغزاة فأرضها رمال متحركة لا يصمد بها سوى أهلها ومستنقعات ضحلة يغور في أحشائها كل معتد أثيم فيزول وتبقى عربية الجذور والمنابت والحضارة عبر مختلف العصور.

التعليقات على خبر: الشرق الأوسط .. رمال متحركة لا تثبت فيه أقدام طامع

حمل التطبيق الأن